مع اختفاء الغابات.. سكان الأمازون يكافحون لحماية القردة من الانقراض

مع اختفاء الغابات.. سكان الأمازون يكافحون لحماية القردة من الانقراض
القردة في الأمازون

 

فوجئ المزارع البرازيلي أرماندو شليندوين في صباح هادئ من العام الماضي، برؤية أحد قردة "تيتي" يتجول فوق سطح منزله في قلب غابات الأمازون، كانت هذه المخلوقات عادة لا تبتعد عن الأشجار، لكن ظهورها المفاجئ فوق السطح لم يكن عشوائيًا، بل كان صرخة صامتة من أجل البقاء.

الانقراض جراء تدمير الغابات والفيضانات

وفق تقرير نشرته وكالة "فرانس برس" الجمعة ينتمي القرد الذي رآه شليندوين إلى فصيلة نادرة تعرف بـ"قردة تيتي في الغابات المرتفعة" (Plecturocebus grovesi)، وهي واحدة من أكثر الرئيسيات المهددة بالانقراض في العالم، فقد أدى تدمير الغابات والفيضانات الناتجة عن بناء سد كهرومائي إلى تقلص موائل هذه الكائنات، مما اضطرها إلى التنقل خارج الغابات بحثاً عن طريق نجاة.

منذ ذلك الحين، انخرط شليندوين وعدد من السكان المحليين في مشروع لإعادة التحريج يهدف إلى إنقاذ هذه القردة، عبر إنشاء ممرات طبيعية تسمح لها بالتنقل بين الأشجار وربط بقايا الغابات المعزولة ببعضها البعض.

جهود فردية وتحديات كبيرة

يقول المزارع البالغ من العمر 62 عامًا: "إنقاذ هذه القردة يحتاج إلى جهد يومي"، مشيرًا إلى أن أربعة من قردة تيتي البالغة، بالإضافة إلى طائر صغير، تعيش حاليًا في تل صغير داخل مزرعته، وهذه المساحة المحصورة، التي لا تتجاوز أربعة ملاعب كرة قدم، أصبحت ملاذهم الوحيد في منطقة تُعرف باسم “قوس إزالة الغابات”، وهي واحدة من أكثر المناطق تضررًا بيئيًا في البرازيل.

تعيش قردة تيتي حصراً في الأشجار، ولا تتحرك على الأرض، ويؤكد عالم الرئيسيات غوستافو رودريغيز كانالي أن هذه الكائنات "أصبحت سجينة جزر صغيرة من الغابات"، موضحًا أن استمرار تدهور البيئة سيؤدي إلى انقراض نحو 80% منها خلال عقدين.

بدعم من منظمات بيئية مثل "إيكوتونو" و"حركة الأشخاص المتضررين من السدود" (MAR)، زرع السكان المحليون العام الماضي بذور 47 نوعاً من النباتات المحلية على هكتار واحد أعيد تشجيره قرب التل، ويأمل القائمون على المشروع أن تسمح هذه الأشجار للقردة بالوصول إلى مناطق غابات جديدة خلال خمس إلى سبع سنوات في إطار سياسة مكافحة الانقراض، بما يعزز فرص بقائها على قيد الحياة.

الفيضان الصناعي خطر يهدد الحياة البرية

تهديدات الانقراض لا تقتصر على قطع الأشجار في الأمازون، فعلى الجانب الآخر من التل، تعيش قردة تيتي في عزلة بسبب بحيرة صناعية ضخمة أنشأتها محطة الطاقة الكهرومائية UHE Sinop، التابعة لشركة EDF الفرنسية. وتسببت هذه البحيرة في غمر جدول مليء بالأشجار، مما منع القردة من العبور والوصول إلى مناطق أخرى.

ورغم تأكيد الشركة التزامها بالمعايير البيئية، فإن سكان المنطقة يروْن أن هذه المشاريع تعزل الحيوانات وتدفعها نحو الفناء.

حياة معلّقة على فروع الأشجار

تُجسد هذه القردة الصغيرة قصة كائنات تُصارع للبقاء وسط عالم يتغير بسرعة، حيث أصبحت الأشجار المتبقية في الغابة بمثابة خيوط الحياة الأخيرة، وبينما تحاول القفز من غصن إلى آخر بحثًا عن مأوى، يخوض السكان سباقًا صامتًا مع الزمن لإنقاذ ما تبقى من هذا التراث الطبيعي المهدد.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات وإزالتها والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري بجانب تدمير الحياة البرية.

وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء الفيضانات والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".

وتؤكد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية